الحبيب بورقيبة – Habib Bourguiba

le premier président tunisien, habib bourguiba الحبيب بورقيبة

 

هو الرجل الذي أطلقت عليه ألقاب شتى، فهو « المجاهد الأكبر » وهو أيضا « صانع الأمة »، هو « الزعيم » و »مؤسس الدولة التونسية »، هو الحبيب بورقيبة.

فماهي السيرة الذاتية للزعيم الحبيب بورقيبة؟

نشأته:

ولد الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير يوم 3 أوت 1903، لأسرة من الطبقة المتوسطة، كبيرة العدد وتوفي في 6 أفريل 2000 عن عمر يناهز 97 سنة .

تكوينه:

 كان أباه ضابطا متقاعدا في حرس الباي وقد عمل جاهدا على تدريس ابنه الحبيب بورقيبة حتى أتم تعليمه الابتدائي ومن ثم تعليمه الثانوي وذلك بالمعهد الصادقي ثم بمعهد كارنو بتونس العاصمة وحرص على اعفائه من الخدمة العسكرية في ﻇﻞ السلطات الاستعمارية الفرنسية.

تحصل الحبيب بورقيبة على الباكالوريا وتوجه إثر ذلك إلى مدينة باريس Paris في 1924 والتحق بكلية الحقوق والعلوم السياسية ليتحصل في 1927على الإجازة ، ليعود بعدها إلى تونس وينخرط في سلك المحاماة.

تزوج لمرتين، من أرملة فرنسية تكبره ب 12 سنة، وقد أنجبت له الحبيب بورقيبة الابن، ثم تزوج من التونسية وسيلة بن عمار في 1962 وقد التقى بها فترة نِضاله الوطني ضد الاستعمار.

مسؤولياته:

عمل الحبيب بورقيبة بالمحاماة والصحافة، وكان متألقا، متحدثا بارعا، ذو شخصية قوية، قائدا فذا، يتقن فن المراوغة والتأثير وتمتزج شخصيته بين الأفكار الغربية المتحررة والمتنورة والأفكار العربية الأصيلة.

أصدر الحبيب بورقيبة ضمن عمله الصحفي صحيفة « صوت التونسي » في1930، ثم تليها صحيفة « العمل التونسي » في 1932 وكانت كتاباته تحفيزية، ناقدة لأوضاع البلاد والعباد ومؤسسة لأفكار الثورة والتحرر والنضال.

انضم الحبيب بورقيبة سنة 1933 إلى الحزب الحر الدستوري ولكنه سرعان ما استقال منه ليؤسس حزبًا مغايرا يعمل وفقًا للمعايير الأوروبية وبأفكار تقدمية لم يعهدها الشارع التونسي الذي يعاني الاضطهاد والتخلف والفقر.

ففي 1934 أسس بورقيبة الحزب الحر الدستوري الجديد بمعية رفقاء النضال السياسي من محمود الماطري، البحري قيقة والطاهر صفر.

وقد اعتقل بورقيبة في إطار نضاله السياسي عدة مرات ونفي إلى عدة مدن عربية وأوروبية من قبل سلطات الحماية الفرنسية، وقد أعلن مرارا في خطاباته الموجهة لقادة العالم عن انعدام ثقة التونسيين بالمستعمر الفرنسي الغاشم وأساليبه القمعية في التعامل مع المواطنين وسياساته المتعمدة في التنكيل بالثوار وعامة الشعب. ومع اندلاع الثورة المسلحة التونسية في 1952، بدأ بورقيبة ومن معه عملية التفاوض والضغط بهدف تحقيق الهدف الأسمى وهو اعلان الاستقلال وإنهاء النظام الملكي وبناء دولة حديثة . فكان ذلك الأمر في 20 مارس 1956، أين تم الإعلان الرسمي عن استقلال البلاد وإعلان الجمهورية، وتولي الحبيب بورقيبة زمام الحكم ليكون أول رئيس للجمهورية التونسية في 25 جويلية 1957.

إصلاحاته :

ومنذ سنوات الاستقلال الأولى، ركز بورقيبة جملة من المشاريع التنموية والإصلاحات الجذرية في شتى الميادين وحاول تعبئة خزائن الدولة من خلال طلب المعونات النقدية والعينية والحصول على القروض الميسرة من الدول العظمى والدول الصديقة والتشمير عن ساعد الجد بأبناء الوطن وبناتها للبناء والتعمير وإعلاء راية الوطن، فعمل صحبة ثلة من الوطنيين والمناضلين على تركيز دعائم جديدة للمجتمع من أهمها:

 

إصلاحات تشريعية :

  • إصدار مجلة الأحوال الشخصية في13 أوت 1956.
  • تركيز أسس المساواة بين الرجل والمرأة وإقرار المساواة الكاملة بينهما.
  • منح المرأة التونسية الحق في التعليم، في اختيار الزوج، في طلب الطلاق، في الشغل…
  • تفرد المرأة التونسية وتميزها على الصعيد العربي والعالمي.
  • الحد من أساليب التمييز ضد المرأة
  • تحديد الحد الأدنى للزواج ب17سنة للفتاة وب20 سنة للفتى مع منع إكراه الفتاة على الزواج.
  • منع تعدد الزوجات ومعاقبة المخالفين.
  • تجريم الزواج العرفي وكل زواج يخرج عن الصيغ الرسمية له .
  • السماح بعملية التبني
  • إقرار قانون يسمح للمرأة بالإجهاض.

 

إصلاحات تربوية:

  • تخصيص نحو ثلث ميزانية الدولة لتطوير التعليم
  • مجانية التعليم واجباريته لحث الناشئة على كسب العلوم والمعارف.
  • مكافحة التخلُّف والتبعية والجهل والارتباط الأعمى بالعادات والتقاليد.
  • إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية في كل أرجاء البلاد وتكوين إطار تربوي كفء.
  • ادماج الشباب في مراكز التكوين لتحصيل يد عاملة جاهزة للتعمير والبناء.

 

إصلاحات صحية:

  • تركيز المستشفيات في المدن الكبرى وتركيز المستوصفات في القرى والمناطق النائية.
  • توفير الأدوية والمعدات الصحية اللازمة وتكوين إطار صحي كفء.

 

إصلاحات اقتصادية واجتماعية :

  • تأسيس الشركات الوطنية الكبرى : الشركة الوطنية للسكك الحديدية و الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة القومية لاستغلال وتوزيع المياه والخطوط الجوية التونسية والشركة التونسية للبنك …
  • تجميع الملكيات العقارية
  • تأسيس التعاضديات التجارية والفلاحية
  • اعتماد مخططات للتنمية الجهوية وإصلاح البُنية التحتية
  • الجلاء الزراعي في 1964
  • تحسين ظروف العيش والحماية الاجتماعية والحد من نسب الفقر
  • الارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية
  • اعتبار الأطفال والشباب قوة فاعلة
  • تركيز منظومة رياضية وإنشاء دور الشباب والتشجيع على العمل الثقافي
  • تطوير الميدان الفلاحي والبحث عن أهم التقنيات والتجارب المعتمدة والملائمة للخصائص الطبيعية في البلاد.
  • إنشاء السدود للحفاظ على الثروة المائية.

 

إصلاحات سياسية:

  • تركيز سياسات خارجية متوازنة وربط علاقات متينة مع دول الجوار.
  • تشجيع الشباب على العمل السياسي وتحمل مسؤوليات قيادية داخل الدولة.
  • تركيز أسس الديمقراطية والتشاركية.
  • توسيع قاعدة حزب الرئيس والانتشار في المدن والأرياف للاستماع لمشاغل المواطنين.

 

إلا أن لهذه الإصلاحات هنات وخيبات كبرى، إذ اعتبر بورقيبة أن للتعددية السياسية مساوئ وسبيل لتدمير لُحمَة المجتمع، إذ يرى أن كثرة الأحزاب السياسية وتعدد الآراء ووجهات النظر طريق لتغذية النّعْرات القبلية والرجعية وإيقاظ المجموعات المعارضة مما يؤدي لخطر الانقسام والتفتت. كما اعتقد أيضا أن سيطرة حزبه على مكونات المجتمع ومختلف النقابات والهياكل الرقابية وحظر التعددية هي الوسيلة الأمثل لتسريع وتيرة الإصلاحات وتحقيق المشروع التنموي والاجتماعي المطلوب.

هذا الأمر كان سببا أيضا في تغول وهيمنة الحزب الواحد فتم قمع المعارضين وتم إعدام وسجن العديد منهم وأظهر بورقيبة تعنتا وشراسة في مواجهة خصومه السياسيين وعطل الصحف المستقلة التي يترأسها معارضوه ولو كانوا ضمن رفاقه زمن الكفاح. كما ألغى بعض الحريات الأساسية التي تتعارض مع أفكاره وسياسات حزبه وغاب بذلك المجتمع المدني. وأصبح الإعلام مواليا للسلطة الحاكمة وسُيرت البلاد بطريقة أحادية مع تدخل خفي للمقربين وأصحاب المصالح وذلك إثر تدهور الحالة الصحية للزعيم وتقدمه في السن وعدم قدرته على الإمساك بزمام الأمور.

انتهت فترة رئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة، بعد مدة من إعلانه للرئاسة مدى الحياة وتعنته وتشبثه بالحكم في ﻇﻞ صعود المنافقين والعملاء واستشراء الفساد في بعض هياكل الدولة. فتمت الإطاحة بحكمه وإقالته في 7 نوفمبر 1987، بتخطيط من رئيس وزرائه في تلك الفترة زين العابدين بن علي.

حكم بورقيبة لمدة ثلاثين سنة من 1957 إلى 1987، كان فيها، الزعيم العربي الأبرز، والمجاهد الأكبر، وصاحب النظرة الاستشرافية والرجل ذو الحنكة اللامتناهية وتوفي في 6 أفريل 2000 ودفن في مدينة المنستير، مسقط رأسه و مُنع الحديث عن انجازاته وغُيب أثره عن البرامج التربوية ولم يَعُدْ للرجل اعتباره إلا مع اندلاع الثورة التونسية في 2011 والإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي.

Voir également

عيد الجلاء

عيد الجلاء / Journée d’évacuation يحتفل التونسيون يوم 15 أكتوبر من كلّ عام بعيد الجل…