أشرس الأمراض المُعدية التي تَركت أثرًا في التاريخ

Les maladies infectieuses les plus virulentes.

لقد سُجِّلت عبر التاريخ أمثلة لا تعدُّ عن أوبئة وجائحات خطيرة حصدت ملايين الأرواح في العالم وكانت سببا في سقوط دُوَل ومَحْوِ حضارات بأكملها من على وجه البسيطة. وهنا قائمة بأشرس الأمراض المُعدية تركت أثرها الكبير في التاريخ:

1. الطاعون (الموت الأسود):

الطاعون هو من أخطر الأمراض المُعدية القاتلة، وهو واحد من الأمراض الوبائية الثلاثة الفتاكة: الطاعون، الكوليرا والحمى الصفراء.

هو نتاج عن الإصابة بالبكتيريا اليرسينية الطاعونية، ويُصيب في الأساس الغدد الليمفاوية أو الرئتين ويؤدي إلى تسمم حاد في الدم.

هو مرض فتاك، لا يمكن النجاة منه إلا إذا تم علاجه في مدة أقل من ستة أيام.

* ينقسم المرض إلى ثلاثة أنواع أهمها:

-الطاعون الدُمّلي أو ما يسمى الطاعون العقدي: يُصيب الغدد الليمفاوية.

-الطاعون إنتان الدم أو التَّسمُّمي: يصيب الأوعية الدموية عند انتشار البكتيريا فيها.

-الطاعون الرئوي أو ما يسمى طاعون ذات الرئة.

ينتشر الطاعون بسرعة فائقة عندما تكون الظروف الصحية متدهورة، وينتقل بالهواء، بالاتصال المباشر بين شخص مصاب وآخر سليم، بلمس التربة الملوثة وبالطعام ومصادر المياه الملوثة.

تظهر أعضاء الإصابة بالمرض سريريا على شكل قرح جلدية نازَّةٍ ونازفة وحمى شديدة ويتركز علاجه على المضادات الحيوية ويجب فرض الحجر الصحي على كل فرد مصاب.

وصفه العلماء بأنه الوباء الأكثر تدميرا والذي فتك بملايين البشر منذ ظهوره وبآلاف الأوروبيين في العصور الوسطى، ويمكن الوقاية منه عن طريق مكافحة القوارض، الذباب والبراغيث وتجنب الحيوانات الناقلة للمرض مثل القطط والكلاب.

2. الأنفلونزا الإسبانية:

الأنفلونزا الإسبانية أو الوافدة الإسبانيولية (Spanish flu) ظهرت بداية من 1918م، وهي واحدة من أكثر الأوبئة فتكا في التاريخ البشري.

وهي جائحة إنفلونزا قاتلة، سريعة العدوى، ناتجة عن نوع خبيث ومدمر من فيروس الإنفلونزا (أ) وهي أحد سلالات الفيروس (H1N1).

 انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا وضربت ما يقارب ثلث سكان العالم وخلفت ما بين 50 إلى 100 مليون قتيل.

إن أعراض الأنفلونزا الإسبانية تضرب بالأساس الجهاز التنفسي كالسعال، إلتهاب الحلق، سيلان وإحتقان في الأنف مع مشاكل أخرى في التنفس. زيادة إلى الحمى، التعب، آلالام في العضلات والمفاصل، الصداع وفقدان الشهية.

بذلت الحكومات أقصى جهودها للحد من خطر الوباء، وأُعطِيَت لإسبانيا الثقة الكاملة وكافة الصلاحيات لرفع التقارير الإخبارية ونشرها حول حقيقة تفشي الوباء، بما أنها منطقة محايدة لم تتدخل في مراحل الحرب العالمية الأولى ومن هنا جاءت تسمية الوباء بالأنفلونزا الإسبانية.

3. وباء جوستينيان:

ضرب وباء جستنيان الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو الإمبراطورية البيزنطية ما بين سنة541م و 542 م نِسبةً لاسم الإمبراطور جستنيان الأول، حاكم الإمبراطورية البيزنطية.

انطلق تفشي المرض من صعيد مصر إلى حدود القسطنطينية (إسطنبول التركية حاليا) والسبب الأكثر ترجيحا عند المؤرخين هو مرض الطاعون الدملي الذي انتقل عن طريق القوارض والبراغيث الناقلة للمرض وتلوث السفن التجارية الحاملة للسلع.

خَلَّف الطاعون آثارا كارثية على الاقتصاد وأثر على الوضع السياسي للإمبراطورية وحد من قدرتها على استكمال التوسع نحو إيطاليا.

4. الجدري:

الجُـدَرِيّ أو الجَـدَرِيّ هو مرض فيروسي معد للغاية، يظهر في شكل طفح جلدي مغطى بالبثور.

هو مرض يسبب تشوهات مستديمة، ويترك ندبات مكان البثور، كما يسبب العمى ويصل إلى الموت عندما يستفحل في جسم المصاب.

هو أول مرض ينتصر عليه البشر وذلك عندما قام الطبيب الإنجليزي « إدوارد جينر » في سنة 1796، بتحضير أول لقاح ضد الجدري، وساهمت اكتشافاته المبهرة وحملات التطعيم المتتالية في إبادته كليا واستئصاله من العالم في عام 1980.

كان الجُـدَرِيّ مرضا فتاكا، خرَّب أمريكا عندما نقله المستعمرون الأوروبيون إلى أرضها في القرن 15، وتتالى ظهوره وانحساره من فترة إلى أخرى منذ سنين خلت، وضرب أوروبا وإفريقيا عدة مرات مسببا أعدادا كبيرة من القتلى والمشوهين.

5. وباء الكوليرا:

الكوليرا أو الكوليرا الوبائية، هي مرض معوي مُعدي تُسببها جرثومة الكوليرا المنتجة للذيفان المعوي.

هي واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة، لكن التقدم العلمي في الطب حَدَّ من شدة أعراضه وأصبح اليوم نادرا ما يهدد الحياة.

مع بداية ظهور أعراض المرض قد يموت المريض المصاب في غضون ثلاث ساعات إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي المناسب إذ تعمل المضادات الحيوية على إيقاف تطور المرض، ولكن يظل العلاج بالإمهاء الفموي هو العلاج الرئيسي الفعال.

يعاني المصابون بالكوليرا من الإسهال الحاد ويعتبر العلاج الإماهي عن طريق الفم هو الاستبدال الفوري للمياه نظرا لشدة سرعة حدوث الجفاف.

إن البيئات المائية والحيوانات التي تعيش فيها يمكن أن تكون مستودعات للبكتيريا وللمرض وتساهم في انتشاره. كما ينتقل بشكل مباشر من شخص إلى آخر أو عندما لا يتم احترام قواعد الصحة العامة من غسل اليدين بانتظام، من التعقيم والتنقية للمياه، ترشيح وكلورة إمدادات المياه، عدم تناول الطعام الملوث أو شرب المياه الغير معالجة.

تَوطَّنت الكوليرا لمدة طويلة في شبه القارة الهندية لشدة تلوث البيئات المائية فيها ثم انتشر الوباء نحو روسيا، غرب أوروبا وأمريكا الشمالية. وهولا يزال يؤثر على البلدان النامية وبعض دول القارة الإفريقية.

6. وباء التيفوس:

هو عدوى بكتيرية جرثومية تنتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة القراد، وهو وباء خطير فتك زمن الحروب بأعتى وأقوى الجيوش كالجيش الفرنسي بقيادة نابليون أثناء غزوه لروسيا وبالجيوش المتناحرة على الأراضي الأوروبية، الألمانية خلال حرب الثلاثين عاما (1618 -1648 م).

شكل الوباء خطراً كبيرا على الأرواح لسرعة انتقال العدوى من موضع اللدغة إلى بقية أنحاء الجسم (من خلال الدورة الدموية) أو من خلال انتقاله من جسم مصاب إلى آخر سليم.

من أعراض التيفوس الأولى: الحمى الشديدة، الصداع الحاد، الحساسية للضوء، الغثيان والقيء، الألم في البطن والضعف والهزال.

تظهر الأعراض المتقدمة للتيفوس عند عدم استعمال الدواء المناسب وهي في شكل طفح جلدي وبقع حمراء، وهذيان، وإسهال وآلام موزعة على كامل الجسم.

قُدِّر عدد من قُتل بسبب الوباء إلى ملايين الضحايا عبر التاريخ وهو ما يفوق كثيرا عدد القتلى أثناء الحروب.

7. الملاريا:

الملاريا (Malaria) أو ما يُعرف بالبُرَداء، هو مرض طُفيلي معدي، إذ يتسلل الكائن الطفيلي « بلازموديوم » إلى مجرى الدم ثم يقوم بإتلاف كريات الدم الحمراء مسببا حمى شديدة، فقر الدم وتضخم الطحال.

هذا المرض هو من الأمراض الفتاكة ينتقل عن طريق لدغات نوع من البعوض الخبيث، ويظهر في البلدان الفقيرة والملوثة التي تعاني من هشاشة كبيرة في البنية التحتية وانعدام الوسائل الضرورية للتصريف الصحي لمياه الأمطار والمجاري.

في 6 نوفمبر 1880 تم اكتشاف هذا الطفيلي من طرف الطبيب « ألفونس لافيران » ومازالت الأدوية المعتمدة قصد التطوير إلى يومنا هذا.

* من أهم أعراض الملاريا: الرعشة، الحمى، الغثيان والقيء، براز مدمم ويرقان وتشنجات عضلية.

* مضاعفات الملاريا: فقر الدم، مشاكل في التنفس، تعطل وظائف الكبد، اصفرار لون الجسم، انخفاض مستوى السكر في الدم مع تضخم وانفجار الطحال.

8. السل:

السل أو الدرن هو مرض معد شائع وقاتل، ينجم عن جرثومة (المتفطرة السلية) التي تصيب الرئتين ولكنه قادر على التأثير على أجزاء أخرى من الجسم.

ينتشر المرض من شخص مصاب إلى آخر سليم عن طريق الهواء، ويكون ذلك بانتقال رذاذ اللعاب إثر السعال أو العطس أو البصق أو بتشارك الملاعق والمناشف، ولا يحتاج الشخص إلاَّ إلى استنشاق القليل من هذه الجراثيم حتى يصاب بالعدوى.

* من أبرز الأعراض الكلاسيكية لعدوى السل: الحمى، التعرق الليلي، فقدان الوزن والسعال المزمن المصحوب بالبلغم المشوب بالدم.

تكون الوقاية بالحَجْر الصحِّي للمريض مع اتِّباع برامج فحص وتطعيم لجُلِّ المحيطين به.

السل موجود لدى البشر مُنذ العصور القديمة وهو موجود ليومنا هذا وخاصة في العالم النامي بسبب تدهور القطاع الصحي ولوجود أمراض أخرى متفشية كفيروس نقص المناعة البشرية ومتلازمة نقص المناعة المكتسبة الإيدز.

9. الحصبة:

هي من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى تصيب الأطفال بصفة خاصة، ولكنها قادرة على إصابة الكبار أيضاً.

تنتقل العدوى من شخص مصاب لآخر سليم عن طريق الهواء الذي يتنفسانه، عن طريق العطاس والسعال واللمس المباشر بينهما.

يكون الطفل معدياً قبل ظهور الطفح بخمسة أيام ولمدة خمسة أيام أخرى بعد ظهوره لأن فترة حضانة المرض تمتد من عشرة إلى خمسة عشر يوماً.

يعاني الطفل خلال الحصبة من مضاعفات كثيرة تختلف درجة خطورتها باختلاف الحالة الصحية له فصاحب الجسم الضعيف، قليل التغذية السليمة والمتوازنة أو المريض بداء آخر يكون عرضة لأمراض رئوية ودماغية خطيرة.

تظهر أعراض المرض في شكل حبيبات حمراء اللون على الجلد مع ارتفاع في درجة الحرارة، عينين دامعتين، سيلان في الأنف والتهاب داخل الفم.

أثناء المرض ينبغي أن تكون تغذية الطفل متوازنة وغنية بالبروتينات (اللحوم والأسماك والبيض) والفيتامينات (الغلال وعصير البرتقال وعصير الليمون) ويُمنع من ممارسة الرياضة بل يجب أن يتمتع بفترة من الهدوء والراحة إلى أن يتماثل للشفاء.

* للوقاية من الحصبة وتجنب مخاطرها يجب:

  تلقيح الأطفال منذ العام الأول من عمرهم.

إبعادهم عن المصابين.

عزلهم عن بقية أصدقائهم إذا وصلت العدوى إليهم.

تناول أغذية متوازنة تتناسب مع احتياجات المريض.

10. الوباء الثالث:

الوباء الثالث هو مزيج من آفات وأمراض معدية أساسها الطاعون الدمَّلي وأمراض أخرى تصيب الرئة وتنتشر سريعاً بالعدوى. اجتاح الوباء الهند والصين لينتشر لاحقاً في جميع قارات العالم وذلك سنة 1855م أي نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

تسبَّب الوباء الثالث بمقتل 12 مليون إنسانٍ في الهند والصين وحدهما وحصد مئات القتلى في بقية أنحاء العالم.

يُعتبر الطاعون الدمَّلي مصدرا للعديد من الأوبئة والجائحات على مرّ التاريخ وذلك لسرعة انتشاره وقدرته على اتخاذ أشكال جديدة مع كل ظهور.

تحمل السفن التجارية الجرذان والبراغيث الموبوءة وهذا ما يتسبب في ظهور الوباء وانتشاره بين البشر.

ورغم اعتباره خاملا حاليا إلا أن بعض الحالات المرضية تم الكشف عنها خاصة في أمريكا الغربية ليتم التصدي لها بسرعة فائقة لمنع تفشي الوباء وذلك عن طريق أخذ العقاقير المناسبة واعتماد الحجر الصحي.

Voir également

عيد الجلاء

عيد الجلاء / Journée d’évacuation يحتفل التونسيون يوم 15 أكتوبر من كلّ عام بعيد الجل…